ومضة من تاريخ دمشق

الرئيس شكري القوتلي يرفض تواجد أي قاعدة عسكرية فرنسية :
رغبت فرنسا بوضع قاعدة عسكرية لها في سوريا ... وخاصة أنها كانت تشعر بقرب خروجها من سوريا بعد الحراك السياسي الكبير الذي ترافق مع نهاية الحرب العالمية الثانية ...
خططت فرنسا بأنها إذا قصفت البرلمان السوري وقتلت النواب السوريين سيضطر الرئيس شكري القوتلي بالتوقيع على اتفاقية مع الفرنسيين تضمن لهم إبقاء قواعد عسكرية في سوريا وبالفعل قام الفرنسيون بتنفيذ خطتهم في ٢٩ أيار ١٩٤٥ وبدأوا بقصف البرلمان السوري وكان الرئيس السوري شكري القوتلي في منزله ومعدته تنزف من القرحة وكان الفرنسيون يهددونه بنسف بيته إن لم يوقع معهم اتفاقاً يبقيهم في سوريا، وكان يرى من نافذة غرفته دمشق تحترق، وفي الوقت الذي التجأ فيه رجالات الحكومة والنواب إلى دار السيد خالد العظم في سوق ساروجة هرباً من النيران، أرسل الرئيس القوتلي برقية قال فيها: ( إنني انتظر من يحملني إلى مجلس النواب كي أموت مع هؤلاء الأبطال رجال الدرك الذين يذودون بأرواحهم دفاعاً عن حرمة البلاد وكرامتها، فألقى ربي راضياً مرضياً، وذلك خير من توقيع اتفاقية هدنة أو سلام مع دولة أجنبية، وليكون موتي وصمة عار بحق العالم الصامت أجمع ) ...
وماهي إلا دقائق حتى جاءه الوزير المفوض البريطاني " تارنس آلان شو " يخبره بأن الفرنسيين جاديين بقصف منزله ويقنعه بتوقيع المعاهدة مع فرنسا، فطلب الرئيس القوتلي والدته وزوجته وأولاده وقال للوزير المفوض البريطاني: ( ما عندي أغلى من ديني ووطني وشعبي وهؤلاء - وأشار إلى أسرته - فوالله لو قطعتم أصابعي بعد أن دمر الفرنسيون بلادي لن أوقع لهم ما يريدون ) ....
وبالفعل خرجت فرنسا من سوريا دون أن تترك ولا حتى جندي فرنسي واحد على الأرض السورية وأعلن الجلاء واستقلال سوريا في ١٧ نيسان ١٩٤٦ ...
* من كتاب "جهاد شكري القوتلي" للسفير السوري عبد الله فكري الخاني
أضف تعليقك